الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي فاز بولاية خامسة في بلاده مؤخرًا، يعتبر واحدًا من أبرز الشخصيات السياسية العالمية المثيرة للجدل، حيث تظهر ذلك من خلال سياساته وقراراته المتنوعة.
تُحيط العديد من التفاصيل المتعلقة بالرئيس الروسي بفتور وغموض، بما في ذلك تفاصيل ثروته الشخصية، على الرغم من تقديمه لإقرارات مالية رسمية مؤخرًا، والتي قد تتعارض مع الافتراضات التي يحملها بعض الأشخاص بخصوص تفاصيل ثروته وأصوله.
تتحول مهمة تتبع ثروة أحد أبرز الشخصيات السياسية في العالم إلى تحدي شبه مستحيل، حسبما أشارت مجلة فوربس في تقرير سابق، حيث وصفت ثروة الرئيس الروسي بوتين بأنها “اللغز الأكبر في مجال جمع المعلومات المالية”.
جزء كبير من الغموض يتعلق بالأصول التي يمتلكها الرئيس الروسي، بما في ذلك القصور الفاخرة واليخوت وغيرها، ومدى ملكيته لهذه الأصول.
أحدث البيانات الرسمية تصوّر بوتين كشخص بيروقراطي يعتمد على دخله الشخصي ومعاشه العسكري، مع ثروة محدودة نسبياً.
تقديم إقرار الدخل
قبل الفوز في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، قدم بوتين إعلانًا رسميًا حول ثروته ودخله كجزء من متطلبات الترشح لمنصب الرئيس إلى لجنة الانتخابات المركزية.
وفقًا للوثيقة المنشورة على موقع اللجنة الانتخابية، يُظهر الرئيس بوتين بثروة متواضعة، حيث يمتلك 604 ألف دولار أمريكي في عدة حسابات مصرفية (10 حسابات)، وشقة مؤجرة من الحكومة في موسكو بمساحة 1650 قدمًا مربعًا، بالإضافة إلى شقة في سان بطرسبرغ بمساحة 828 قدمًا مربعًا مع مرآب بمساحة 193 قدمًا مربعًا وموقف سيارات، وسيارتان كلاسيكيتان من الستينيات، بالإضافة إلى مقطورة للتخييم من عام 1987.
خلال الفترة من عام 2017 إلى عام 2022، حصل الرئيس الروسي على مبلغ قدره 67.5 مليون روبل (756 ألف دولار). تتوزع مصادر دخله بين راتبه الشهري ومعاشه العسكري، بالإضافة إلى الدخل الناتج عن الودائع المصرفية والأوراق المالية، وأيضًا عن بيع بعض الممتلكات. وبالإضافة إلى ذلك، يمتلك 230 سهمًا في إحدى أكبر البنوك الروسية، Sberbank.
القصور واليخوت الفاخرة
الوثيقة لم تشير إلى القصور الكبيرة واليخوت الفاخرة المزعومة التي يُفترض أنها تخضع لسيطرة الرئيس. ولم يتم ذكر المخبأ السري في قصره على البحر الأسود، ولا قصر الغابات المُحمي بشدة على بحيرة فالداي، حيث يُزعم أن صديقته المفترضة ألينا كاباييفا تقيم، وفقًا لتقرير نشره موقع بيزنس إنسايدر.
لم يتم ذكر مجمع يقع على بحيرة كاريليا بالقرب من حدود فنلندا في الوثيقة، والذي يُزعم أنه ينتمي للرئيس بوتين، ويتضمن “ثلاثة منازل على الطراز الحديث، ومنصتين لطائرات الهليكوبتر، وعدة أرصفة لليخوت، ومزرعة لتربية سمك السلمون، ومزرعة تنتج لحم البقر الرخامي، بالإضافة إلى شلال خاص”.
بالنسبة للأصول، كانت لدى بوتين إمكانية الوصول إلى القصور واليخوت، بالإضافة إلى تلقي العديد من الهدايا، مثل ساعات تبلغ قيمتها 200 ألف دولار. وعندما سئل متحدث باسم الحكومة الروسية عما إذا كانت هذه العناصر مملوكة للرئيس أو للدولة، رفض التعليق على التقارير الإعلامية سابقًا.
في الانتخابات السابقة التي جرت في عام 2018، قدم بوتين إقرارًا رسميًا بالدخل يظهر ملكيته لشقة في سانت بطرسبرغ بمساحة 800 قدم مربعة، وسيارتين قديمتين من الحقبة السوفيتية، بالإضافة إلى شاحنة للطرق الوعرة. ووفقًا للكرملين في ذلك الوقت، كان دخل بوتين السنوي يبلغ حوالي 140 ألف دولار.
ومع ذلك، فإن الوثائق الرسمية المقدمة لا تعكس الاعتقادات الواسعة بشأن ثروة بوتين، حيث أن تحديد القيم الحقيقية لهذه الأرقام يعد أمرًا أقرب إلى المستحيل، حتى بالنسبة لخبراء الثروة مثل فوربس، التي أشارت في عام 2016 على سبيل المثال إلى أنها لم تتمكن من التحقق من ملكيته لأصول تبلغ قيمتها مليار دولار أو أكثر.
ثروة قدرها 200 مليار دولار!
تقديرات مختلفة تشير إلى زيادة ثروة الرئيس الروسي بوتين بشكل يتعارض مع الإقرارات الرسمية، حيث يشير بعض هذه التقديرات إلى أن ساعات الرئيس بوتين تفوق قيمة راتبه الرسمي بمرات، وقد اعتمد على ذلك رجل الأعمال والمستثمر البريطاني الأميركي السابق في روسيا، بيل براودر.
في شهادة سابقة أمام مجلس الشيوخ الأميركي في عام 2017، أكد بيل براودر أن ثروة بوتين تقدر بنحو 200 مليار دولار من الأصول، ووصفه بأنه واحد من أغنى أغنياء العالم. وتُشير تقارير غربية إلى أن بوتين قد قام بفرض ضغوط على النخبة الحاكمة في روسيا لتقديم حصص في شركاتهم له، ومع ذلك، لم تتمكن هذه المعلومات من التحقق بشكل موثوق منها.
كشفت تقارير استقصائية منفصلة، أعدها مجموعات مثل الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين والمنفذ الروسي المستقل Proekt، بالإضافة إلى الناشط المعارض أليكسي نافالني قبل وفاته، عن وجود مبالغ ضخمة وممتلكات عقارية تُعزى إلى الرئيس الروسي، مما يشير إلى أنه قد يكون المراقب النهائي لها.
فاز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بفترة ولاية خامسة بعد حصوله على 87.8٪ من الأصوات في الانتخابات الرئاسية. وبهذا الفوز، من المتوقع أن يتولى بوتين – البالغ من العمر 71 عامًا – رئاسة البلاد لمدة 6 سنوات إضافية. حل المرشح نيكولاي خاريتونوف في المركز الثاني بنسبة 4٪ من الأصوات.
بفوزه في الانتخابات الرئاسية، يتفوق بوتين على جوزيف ستالين ويصبح الرئيس الأطول خدمة في تاريخ روسيا لأكثر من 200 عام. وفي خطاب النصر، أعلن بوتين عن تخصيص الأولوية لحل المهام المتعلقة بالعملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا، مع التأكيد على دعم الجيش الروسي. وأكد بوتين أيضًا أن الانتخابات الرئاسية كانت ديمقراطية.