طموحات استثمارية كبرى في “أدنوك”
قبل حوالي 18 شهرًا، انطلقت طموحات شركة “أدنوك” الخليجية في اجتماع لمجلس الإدارة داخل ناطحة سحاب ذات واجهة زجاجية، تطل على مياه الخليج العربي وكورنيش أبوظبي.
في هذا الاجتماع، زاد رئيس دولة الإمارات، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ميزانية الشركة بنحو الخمس، بهدف دعم القدرات الإنتاجية للنفط والغاز، والتقدم في شراء أصول في قطاعات الكيماويات والغاز والطاقة النظيفة عبر مختلف مناطق العالم.
منذ ذلك الحين، شهدت “أدنوك” تزايدًا في تدفق المصرفيين من مختلف أنحاء العالم، الذين يطلبون الاستثمار فيها. بعضهم اقترح إبرام صفقة مع شركة النفط العملاقة “بي بي” (BP)، وفقًا لمصادر مطلعة على الأمر، على الرغم من عدم تنفيذ هذه الفكرة حتى الآن. ومع ذلك، لا تزال “أدنوك” تعد واحدة من أكثر الشركات نشاطًا في البحث عن صفقات في قطاع الطاقة، وفقًا لهؤلاء الأشخاص.
يشهد جهودًا لتنويع اقتصادات دول المنطقة
بالرغم من النمو الكبير والثروة النفطية الوفيرة، واجهت الشركات الشرق أوسطية صعوبات في إبرام صفقات دولية كبيرة، مثلما حدث لعدد كبير من الكيانات الثرية في منطقة الخليج. فمثلاً، تستمر مفاوضات صفقة “كوفيسترو” منذ أكثر من عام، وقد لا تتم بعد ذلك.
ومع ذلك، فإن نجاح إتمام هذه الصفقة سيعزز الثقة في قدرة أبوظبي على إجراء استحواذات دولية معقدة، كما سيوفر دافعًا للسعي وراء صفقات أكبر، وفقًا لأشخاص مطلعين على الشركة الخليجية.
يعتمد الاقتصاد في الشرق الأوسط، المعتمد على النفط، على عمليات الاستحواذ والاندماج لتنويع اقتصاداته بعيدًا عن النفط، ولكن حتى الآن، حققت نتائج متباينة. فتطلعات الدول المنتجة للطاقة مثل السعودية وقطر والإمارات، التي تتمتع بوفرة في السيولة، تتجاوز الاستثمارات التقليدية لتشمل شراء حصص في قطاعات تسهم في دعم النمو المحلي مثل الرياضة والعقارات الفاخرة.
تحديات أمام الصفقات الخليجية
على الرغم من الشهية الكبيرة للنمو والثروة النفطية الوفيرة، واجهت الشركات الشرق أوسطية تحديات كبيرة في مسعاها لإبرام صفقات دولية كبيرة، مثل محاولة أبوظبي الاستحواذ على بنك “ستاندرد تشارترد”، التي انهارت في النهاية. كما أن عدد عمليات الاستحواذ الكامل ما زال محدودًا.
وتشمل التحديات التي واجهتها الكيانات الخليجية عقبات تنظيمية في الخارج ومعارضة من حكومات أجنبية، إضافة إلى الحاجة المستمرة إلى موافقة أحد كبار العائلة الحاكمة، مما يمكن أن يطيل مدة العملية.
أما صفقة “كوفيسترو”، فقد واجهت أيضًا عقبات كبيرة خلال العام الماضي. بدأت “أدنوك” بالتعبير عن اهتمامها، لكن الدعم الأولي من الشركة الألمانية كان ضعيفًا، وأعرب الرئيس التنفيذي لـ”كوفيسترو” عن حاجة الصناعة الألمانية لمزيد من الدعم المحلي.
توقفت الصفقة على مدى عدة أشهر، حتى اقترحت “أدنوك” رفع قيمة عرضها في الشهر الحالي، مما ساعد على تقدم المحادثات بفضل التفاهمات المتزايدة بين الأطراف المعنية.
في الختام، تم الموافقة على رفع قيمة العرض بمبادرة من الشيخ محمد بن زايد، مما يزيد من فرص إبرام الصفقة بعدما وافقت “كوفيسترو” على فتح المجال للتدقيق المالي.
“أدنوك” تحقق اتفاقات استراتيجية في قطاع الغاز
“أدنوك” توسع نطاق استثماراتها في قطاع الغاز بقيادة الرئيس التنفيذي سلطان الجابر، الذي رأس أيضًا مؤتمر الأمم المتحدة السنوي للمناخ في الإمارات العام الماضي. وقامت الشركة بتشكيل فريق لدراسة الاستثمارات الاستراتيجية يضم مصرفيين سابقين وخبراء في القطاع.
خلال العام الماضي، أبرمت “أدنوك” اتفاقيات للغاز في 3 قارات، بما في ذلك أول صفقة في تاريخها في الولايات المتحدة، واستحوذت على شركة طاقة متجددة في اليونان من خلال شركة “مصدر”. كما تجري المحادثات للاستحواذ على محطات وقود في جنوب أفريقيا.
على الرغم من ذلك، فشلت محاولات أخرى للصفقات، بما في ذلك الصفقة المحتملة مع “براسكيم” البرازيلية، وخطة دمج وحدات في “أدنوك” مع “أو إم في” (OMV)، وتعثرت محاولة شراء شركة إنتاج غاز إسرائيلية بسبب الأوضاع السياسية.
ريتشل زيمبا من مركز الأمن الأميركي الجديد أشارت إلى أن “أدنوك” تسعى جاهدة لإبرام صفقات ضخمة بسرعة، لكن هذه العمليات المعقدة تتطلب وقتًا طويلاً.
كلاوس فرويهليش، المسؤول السابق في “أدنوك” لإدارة خطط الاستحواذات، أكد أن الشركة تتطلع لإتمام “مجموعة من الصفقات القوية المحتملة”، موضحًا أن هذه الصفقات تحتاج إلى وقت للنضوج.